"مخيم لاجئين"
طقطقة كعب أمي العالية بعد منتصف الليل، صوت البابور المزعج والكِلاب، بيت جدتي في الليل بعد وفاتها، النهوض من السرير الخشن في يوم فيه البرد قارص، إغلاق حقيبة أخي على ضوء الشمع بعد انقطاع الكهرباء، ارتجاف يديه من الْقُرّ، صوت سيارة قديمة متهالكة في طريق قُروي..
وفجأة!
ضجيج المدينة في ليلة ماطرة والناس جوعى يتهافتون على المخابز بعد إعلان الثلوج الكثيفة، طريق موحش هو طريق المطار، بكاء أمي في السيارة، دمعة أبي التي هرولت على أخي، و طريق المطار الفارغ الموحش مرة أخرى، والليل المظلم في يوم ماطر حيث الفراغ التام وانعدام القمر والنجوم ..
لا شيء قبل الفراق .. لا شيء بعد الفراق ..
لكن هذه المشاعر كُلها لا تعادل وقوفنا معًا بخيمة واحدة ندعو أن يطول علينا الصيف بدلاً من المطر؛ لخشيتنا من قُدم الثلج وفقدان أخي الأصغر بعد التجمد ..
كان دُعَاء أمي دومًا أن لا نفترق .. و ها نحن هنا بنصف شهادة الطب التي يمتلكها أخي وشهادة الثانوية العامة التي أمتلكها أنا وشهادة ولادة أخي .. ملقى بنا بما يُسمى "مخيم لاجئين" نخشى قدوم المطر حتى لا نتذكر ذكرياتنا حيث كان لدينا بابور وسيارة وبيت جدتي ..
لا شيء يعادل فراق الوطن حتى فراق الأهل ..
لا شيء يعادل الخوف من الموت، حتى الخوف من أن تُمحى من ذاكرة من تحب
لا شيء يعني مثلما يعني البيت حتى وإن كان مُفككاً..
وبرد بيتك في وطنك خير من دِفئ القصر في غيره .. فما بالك لو كنت في برد البيت و دفئ الحُب و أصبحت في صقيع الخيمة و... ونار الحرب و...ودفئ السَّعير !
ولكن حتى هُنَا لم تنتهي القصة .. ربما سيكون الامر بعد ذلك
تدقيق: بيلسان زينة
Comments
Post a Comment